منزلة المؤمن في الحياة
د. عدنان بن علي النحوي
المؤمن هو أمل البشرية كلها، هو أملها الذي يخرجها من الظلمات إلى النور بإذن الله، واسمع قوله سبحانه وتعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) [البينة:7].
نعم.. أولئك هم خير البرية، إنهم أملها لإنقاذها من الفتنة وإخراجها من الظلمات، ذلك كله بإذن الله، فالرجل المسلم في حاجة ماسة للبشرية ما دام هو يدرك مهمته ومسئوليته وينهض إليها ولا يساوم عليها ولا يتنازل عنها.
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم ) صحيح الجامع الصغير ( 5077).
وفي رواية عن البراء رضي الله عنه: ( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق ) صحيح الجامع الصغير ( 5077).
هذه هي منزلة المسلم المؤمن في الحياة الدنيا عند الله، إنه هو وحده يحمل الخير للناس كافة، إنه يعرف مهمته التي خلق لها، مهمته التي حددها الله، رسالة الله إلى الناس كافة، ففي ذلك وحده نجاتهم من فتنة الدنيا إذا آمنوا وصدقوا والتزموا، ونجاتهم كذلك من عذاب الآخرة، إنه ليس المسلم الذي ينتسب إلى الإسلام انتساب شعارات.
مسئوليات المسلم الإيمانية:
إن أول مسئوليات المسلم الإيمانية مسئوليته نحو نفسه ليُعدها وليتزوّد بالزاد الحق.
إن أول أمره هو محاسبة نفسه على ميزان حق، وإعدادها إعداداً سليماً، إنها مسئولية كل مسلم في ذلك حتى ينظر في نفسه، فإن وجد فيها خيراً حمد الله ونمّاه وغذَّاه، وإن وجد غير ذلك نهض ليغير ما في نفسه.
نعم ! ليغير ما في نفسه، فلن يستقيم له الدرب ولا لدعوته إلا إذا غير ما في نفسه حتى تستقيم على أمر الله.
إن الحياة الدنيا دار ابتلاء يمر بها الإنسان، مؤمناً أو غير مؤمن؛ حتى يمحص الله عباده فتقوم الحجة على الإنسان أو تقوم له يوم القيامة.
إذا عجز المسلم عن تغيير ما في نفسه إلى حالة يكون فيها أقرب إلى التقوى وطاعة الله، والاستقامة على أمر الله فهو أعجز عن أن يغير الواقع إلا إلى مزالق هواه.
المسلم إذا تم إعداده فإنه نقطة الانطلاق لبناء الأمة المسلمة الواحدة، وكما أن المسلم الذي تم إعداده واستطاع أن يغير ما في نفسه هو حاجة للبشرية كلها كما تبين لنا الآيات والأحاديث، فإن الأمة المسلمة الواحدة هي أيضاً حاجة البشرية ما دامت تدرك مهمتها الربانية وتنهض إليها، ما دامت تحمل رسالة الله لتبلغها للناس كافة، ما دامت تؤمن بالله وتدعو إلى الخير وتنهى عن المنكر، فهي مناط آمال البشرية كلها:
( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) [آل عمران:110].
وحتى تستطيع أن تقوم بالهمة التي عهد الله بها إليها فلابد أن تتوافر فيها جميع الخصائص الإيمانية الواردة في الآية السابقة، والخصائص الإيمانية التابعة لها، وأهم هذه الشروط هو أن تكون الأمة واحدة غير متفرقة، صفاً واحداً كالبنيان المرصوص، قائمة على الإيمان والتوحيد، والكتاب والسنة، معتصمين بحبل الله جميعاً، كما بينت لنا الآيات قبل الآية المذكورة وبعدها:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ) [آل عمران:100] ( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) [آل عمران:101] ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) [آل عمران:102] ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) [آل عمران:103].
ويتأكد هذا المعنى في سورة بعد سورة لخطورته وأهميته في مستقبل الإسلام والمسلمين، وكذلك في الأحاديث..
هذه الأمة التي تحمل هذه الخصائص أمة عظيمة تحمل أعظم رسالة؛ رسالة الله إلى الناس، مهمتها أن تؤمن بالله ورسالته ودينه، وأن تلتزمها ممارسة وتطبيقاً، ثم تدعو الناس كافة إليها عسى أن يصلح حال الإنسان على الأرض بفضل الله من الله ورحمة.
والمؤمن لا يبلغ هذه الدرجة إلا بعد أن يكون قد غيّر ما في نفسه من انحراف أو ضلال إلى هدى، ثم تكون الأمة كلها اجتمعت على صراط مستقيم تمضي عليه هذه النفوس المؤمنة الصادقة.
د. عدنان بن علي النحوي
المؤمن هو أمل البشرية كلها، هو أملها الذي يخرجها من الظلمات إلى النور بإذن الله، واسمع قوله سبحانه وتعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) [البينة:7].
نعم.. أولئك هم خير البرية، إنهم أملها لإنقاذها من الفتنة وإخراجها من الظلمات، ذلك كله بإذن الله، فالرجل المسلم في حاجة ماسة للبشرية ما دام هو يدرك مهمته ومسئوليته وينهض إليها ولا يساوم عليها ولا يتنازل عنها.
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم ) صحيح الجامع الصغير ( 5077).
وفي رواية عن البراء رضي الله عنه: ( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق ) صحيح الجامع الصغير ( 5077).
هذه هي منزلة المسلم المؤمن في الحياة الدنيا عند الله، إنه هو وحده يحمل الخير للناس كافة، إنه يعرف مهمته التي خلق لها، مهمته التي حددها الله، رسالة الله إلى الناس كافة، ففي ذلك وحده نجاتهم من فتنة الدنيا إذا آمنوا وصدقوا والتزموا، ونجاتهم كذلك من عذاب الآخرة، إنه ليس المسلم الذي ينتسب إلى الإسلام انتساب شعارات.
مسئوليات المسلم الإيمانية:
إن أول مسئوليات المسلم الإيمانية مسئوليته نحو نفسه ليُعدها وليتزوّد بالزاد الحق.
إن أول أمره هو محاسبة نفسه على ميزان حق، وإعدادها إعداداً سليماً، إنها مسئولية كل مسلم في ذلك حتى ينظر في نفسه، فإن وجد فيها خيراً حمد الله ونمّاه وغذَّاه، وإن وجد غير ذلك نهض ليغير ما في نفسه.
نعم ! ليغير ما في نفسه، فلن يستقيم له الدرب ولا لدعوته إلا إذا غير ما في نفسه حتى تستقيم على أمر الله.
إن الحياة الدنيا دار ابتلاء يمر بها الإنسان، مؤمناً أو غير مؤمن؛ حتى يمحص الله عباده فتقوم الحجة على الإنسان أو تقوم له يوم القيامة.
إذا عجز المسلم عن تغيير ما في نفسه إلى حالة يكون فيها أقرب إلى التقوى وطاعة الله، والاستقامة على أمر الله فهو أعجز عن أن يغير الواقع إلا إلى مزالق هواه.
المسلم إذا تم إعداده فإنه نقطة الانطلاق لبناء الأمة المسلمة الواحدة، وكما أن المسلم الذي تم إعداده واستطاع أن يغير ما في نفسه هو حاجة للبشرية كلها كما تبين لنا الآيات والأحاديث، فإن الأمة المسلمة الواحدة هي أيضاً حاجة البشرية ما دامت تدرك مهمتها الربانية وتنهض إليها، ما دامت تحمل رسالة الله لتبلغها للناس كافة، ما دامت تؤمن بالله وتدعو إلى الخير وتنهى عن المنكر، فهي مناط آمال البشرية كلها:
( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) [آل عمران:110].
وحتى تستطيع أن تقوم بالهمة التي عهد الله بها إليها فلابد أن تتوافر فيها جميع الخصائص الإيمانية الواردة في الآية السابقة، والخصائص الإيمانية التابعة لها، وأهم هذه الشروط هو أن تكون الأمة واحدة غير متفرقة، صفاً واحداً كالبنيان المرصوص، قائمة على الإيمان والتوحيد، والكتاب والسنة، معتصمين بحبل الله جميعاً، كما بينت لنا الآيات قبل الآية المذكورة وبعدها:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ) [آل عمران:100] ( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) [آل عمران:101] ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) [آل عمران:102] ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) [آل عمران:103].
ويتأكد هذا المعنى في سورة بعد سورة لخطورته وأهميته في مستقبل الإسلام والمسلمين، وكذلك في الأحاديث..
هذه الأمة التي تحمل هذه الخصائص أمة عظيمة تحمل أعظم رسالة؛ رسالة الله إلى الناس، مهمتها أن تؤمن بالله ورسالته ودينه، وأن تلتزمها ممارسة وتطبيقاً، ثم تدعو الناس كافة إليها عسى أن يصلح حال الإنسان على الأرض بفضل الله من الله ورحمة.
والمؤمن لا يبلغ هذه الدرجة إلا بعد أن يكون قد غيّر ما في نفسه من انحراف أو ضلال إلى هدى، ثم تكون الأمة كلها اجتمعت على صراط مستقيم تمضي عليه هذه النفوس المؤمنة الصادقة.