عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون قالوا : قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون ? " قال : المتكبرون". رواه الترمذي وحسنه الألباني.
عن عبد الله ابن عمر قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم و ما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم ". رواه ابن ماجة وابن نعيم في الحلية والحاكم. وحسنه الألباني عن طريق الحاكم.
عن عبد الله بن مسعود، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء . قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : الذين يصلحون إذا فسد الناس". رواه مسلم والترمذي وابن ماجه وأحمد والدارمي.
إياكم والنكات التي فيها ذكر الله عز وجل أو الأنبياء أو الجنة أو النار أو تمتّ للإسلام بأي صلة من قريب أو من بعيد، يقول الله عز وجل في سورة التوبة : وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ {65} لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ {66}
من الآفــّـات الخطيرة المنتشرة في مجتمعاتنا : الغيبة، يقول الله عز وجل في سورة الحجرات :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ {12}وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله و رسوله أعلم ، قال : ذكرك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، و إن لم يكن فيه فقد بهته" أخرجه مسلم والترمذي و الدارمي وأحمد. والغيبة لا تجوز إلا في ست مواضع حسب الأدلة الشرعية جمعها أحدهم في هذين البيتين :الــذم ليس بغيبــة فــي سـتة *** متظلـمٍ ومعـــرفٍ ومحــذرولمظهـرٍ فسقاً ومستفتٍ ومن *** طلـب الإعانـة فـي إزالـة منكـر
يقول الله تعالى في سورة النور : قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {24/30} وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ... الآية.وعن عبد الله بن مسعود : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم شباباً لا نجد شيئا فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الشباب، من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغضّ للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن الخمسة جميعا والإمام أحمد. والباءة : هي القدرة على الزواج وتحمل مسؤوليته. ولله در الإمام ابن القيم إذ يقول في بيتين من أجمل ما نظم من الشعر وزاد عليهما أحد الصالحين ثلاثا :ونـساء الأرض لما أن بــدت *** أقبلت نحـوي وقالت لـي إلـيَّفـتعـامـيـت كـأن لـــم أرهـــا *** عندما أبصرت مقصودي لديَّفقلت كيف ألقى الله ربي آثما *** يوم حشـر الناس إذ غلت يديَّبـئــسـت اللـذة إن كان بـــها *** غضب الجبار والسخــط عليَّفـمـعـاذ الله هــذي صيحـتـي *** قالــها يــوســف قـلها يا أخــيَّا
عن صفوان بن سليم أنه قال: "قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أيكون المؤمن جبانا فقال نعم فقيل له أيكون المؤمن بخيلا فقال نعم فقيل له أيكون المؤمن كذابا فقال لا". رواه الإمام مالك في الموطـّأ. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا". رواه البخاري ومسلم.
تحدثنا في الحديث السابق عن الكذب وقبحه، وحديثنا اليوم عن الحالات التي رخـّص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكذب فيها :1الكذب في الحرب من حديثه صلى الله عليه وسلم لنعيم بن مسعود (الحرب خدعة) ويقول النووي في شرح الحديث ( اتفق العلماء على جواز خداع الكفار في الحرب وكيف أمكن للخداع الا أن يكون فيه نقد عهد وأمان فلا يحل).2الإصلاح ذات البين، كأن يقول المصلح بين المتخاصمين : إنه يحبك وتكلم عنك خير الكلام البارحة وقال كذا وكذا.3الكذب على الزوجة في الخير، كأن يقول : أنت أجمل ما رأت عيناي من النساء وإن كانت أقبح النساء، أو ما أكلت طعاما أطيب من طعامك... إلخ.
روى أحمد والنسائي وابن ماجه عن معاوية بن جاهمة السلمي رضي الله عنه، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك، أبتغي وجه الله والدار الآخرة، قال: ((ويحك، أحية أمك؟)) قلت: نعم، قال: ((ارجع فبرها))، ثم أتيته من الجانب الآخر، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي وجه الله والدار الآخرة، قال: ((ويحك، أحية أمك؟)) قلت: نعم يا رسول الله، قال: ((فارجع إليها فبرها))، ثم أتيته من أمامه، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك، أبتغي بذلك وجه اللهَ والدار الآخرة، قال: ((ويحك، أحية أمك؟)) قلت: نعم يا رسول الله، قال: ((ويحك، الزم رجلَها فثمّ الجنة)). إنها الجنة وربّ الكعبة: ((الزم رجلها فثمّ الجنة)).عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أتي رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني جئت أريد الجهاد معك أبتغي وجه الله والدار الآخرة، ولقد أتيت وإن والدي ليبكيان، قال: ((فارجع إليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما)) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلـَرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة. رواه البخاري ومسلم.
الصوم ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو أيضًا امتناع عن معصية الله . قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه" رواه البخاري والترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد.أي من لم يترك قول الكذب والعمل به فلا فائدة من صيامه، فالصيام ينقّي القلب وعلى المسلم أن يلتزم بالأخلاق الطيبة والسلوك القويم في رمضان. ومن المهم أن نتذكر أنه على المسلم أن يتصف بالأخلاق الحميدة دائمًا وأن يستغل شهر رمضان لتدريب النفس على هذه الأخلاق.
عن عدي بن حاتم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله يوم القيامة، ليس بين الله وبينه ترجمان، ثم ينظر فلا يرى شيئاً قُدَّامَهُ، ثم ينظر بين يديه فتستقبله النار، فمن استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق تمرة). قال الأعمش: حدثني عمرو، عن خيثمة، عن عدي بن حاتم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار). ثم أعرض وأشاح، ثم قال: (اتقوا النار). ثم أعرض وأشاح ثلاثاً، حتى ظننا أنه ينظر إليها، ثم قال: (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة). رواه البخاري واللفظ له، ومسلم والنـَّسائي وأحمد.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال رجل: لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد، على زانية؟ لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته. فوضعها في يدي غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، فقال: اللهم لك الحمد، على سارق، وعلى زانية، وعلى غني، فأتي: فقيل له: أما صدقتك على سارق: فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية: فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني: فلعله يعتبر، فينفق مما أعطاه الله). رواه البخاري ومسلم والنسائي وأحمد.
عذرا على الإطالة البسيطة ولكن هذا الحديث فيه فوائد جَمَّة، عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ؛ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ. فَأَصْبَحْتُ يَوْماً قَرِيباً مِنْهُ، وَنَحْنُ نَسِيرُ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَخْبِرْنِي بَعَمَلٍ يُدْخُلِنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. قَالَ: ((لَقَدْ سَأَلْتَ عَظِيماً. وَإِنَّه لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً. وَتُقِيمُ الصلاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ)) ثُمَّ قَالَ ((أَلاَ أَدلُّكَ عَلَى أَبْوابِ الْخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ. وَالصَّدَقَةَ تُطْفِيءُ الْخَطِيئَةَ، كمَا يُطْفِيءُ النارَ الْمَاءُ. وَصلاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ)). ثَمَّ قَرَأَ - تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ - حَتَّى بَلَغَ - جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ - ثُمَّ قَالَ ((أَلاَ أُخْبِرُكَ بَرَأْسِ الأَمْرِ وَعَمُوِدِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ؟)) قلت بلى يا رسول الله، قال رأسُ الأمرِ الإسلام وعمودُه الصلاة وذروةُ سنامِهِ الجِهَاد. ثُمَّ قَالَ ((أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمِلاَكِ ذلِكَ كُلِّهِ؟)) قُلْتُ: بَلَى يا نبيَّ الله. فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ فَقَالَ ((تَكُفُّ عَلَيْكَ هذَا)) قُلْتُ: يَانَبِيَّ اللهِ! وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ قَالَ ((ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَامُعَاذُ! وهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وَجَوهِهِمْ أو على مناخرِهم، إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟)). رواه الترمذي واللفظ له، وابن ماجة وأحمد وصحَّحَهُ الأَلبَاني.
، عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أصبح منكم اليوم صائما؟ " قال أبو بكر: أنا. قال "فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ " قال أبو بكر: أنا. قال "فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ " قال أبو بكر: أنا. قال "فمن عاد منكم اليوم مريضا؟" قال أبو بكر: أنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة". رواه مسلم.
صلة الرَّحِم من أهم آداب العيد، حتى وإن كان قرابتك يسيئون إليك، ففي الحديث أن رجلاً قال : يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني ، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ ، وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ ، فقال : " لئن كنتَ كما قلتَ فكأنما تُسِفُّهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك" رواه مسلم .والمَل : الرماد الحار ، وتُسِفُّهُم: تطعمهم، والظهير: المعين والدافع لأذاهم ، ومعناه: كأنما تطعمهم الرماد الحار،ومعنى الحديث : إنك بالإحسان إليهم تخزيهم وتحقِّرهم في أنفسهم لكثرة إحسانك وقبيح فعلهم ، من الخزي والحقارة عند أنفسهم ، كمن يسف المل ، وقيل: ذلك الذي يأكلونه من إحسانك كالمل يحرق أحشاءهم . والله اعلم. (شرح النووي لصحيح مسلم 16 / 115) .
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من مَشَى في حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ خَيْراً لَهُ مِنْ اعْتِكَافِهِ عَشْر سِنِين وَمنْ اعتَكَفَ يَوْماً ابْتِغَاءَ وَجْهِ الله جَعَلَ الله بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ ثَلاثَ خَنَادِق كُلُّ خِنْدَقٍ أَبْعَدَ مما بَيْنَ الخَافِقَيْن"رواه الطبراني في الأوسط وإسناده جيِّد.ولقد أدرك ابن عباس فضل قضاء الحوائج فترك اعتكافه في المسجد ليمشي في حاجة أخ له، ويذكر ابن رجب عن بعض السلف فيقول: كان أبو وائل يطوف على نساء الحي وعجائزهن كل يوم فيشتري لهن حوائجهن وما يصلحهن . وقال مجاهد : صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني . وكان كثير من الصالحين يشترط على أصحابه أن يخدمهم في السفر.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والجلوس في الطرقات فقالوا: يا رسول الله مالنا من مجالسنا بدٌ؛ نتحدث فيها ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله ؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. متفقٌ عليه.
عن عبد الله ابن عمر قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم و ما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم ". رواه ابن ماجة وابن نعيم في الحلية والحاكم. وحسنه الألباني عن طريق الحاكم.
عن عبد الله بن مسعود، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء . قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : الذين يصلحون إذا فسد الناس". رواه مسلم والترمذي وابن ماجه وأحمد والدارمي.
إياكم والنكات التي فيها ذكر الله عز وجل أو الأنبياء أو الجنة أو النار أو تمتّ للإسلام بأي صلة من قريب أو من بعيد، يقول الله عز وجل في سورة التوبة : وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ {65} لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ {66}
من الآفــّـات الخطيرة المنتشرة في مجتمعاتنا : الغيبة، يقول الله عز وجل في سورة الحجرات :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ {12}وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله و رسوله أعلم ، قال : ذكرك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، و إن لم يكن فيه فقد بهته" أخرجه مسلم والترمذي و الدارمي وأحمد. والغيبة لا تجوز إلا في ست مواضع حسب الأدلة الشرعية جمعها أحدهم في هذين البيتين :الــذم ليس بغيبــة فــي سـتة *** متظلـمٍ ومعـــرفٍ ومحــذرولمظهـرٍ فسقاً ومستفتٍ ومن *** طلـب الإعانـة فـي إزالـة منكـر
يقول الله تعالى في سورة النور : قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {24/30} وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ... الآية.وعن عبد الله بن مسعود : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم شباباً لا نجد شيئا فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الشباب، من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغضّ للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن الخمسة جميعا والإمام أحمد. والباءة : هي القدرة على الزواج وتحمل مسؤوليته. ولله در الإمام ابن القيم إذ يقول في بيتين من أجمل ما نظم من الشعر وزاد عليهما أحد الصالحين ثلاثا :ونـساء الأرض لما أن بــدت *** أقبلت نحـوي وقالت لـي إلـيَّفـتعـامـيـت كـأن لـــم أرهـــا *** عندما أبصرت مقصودي لديَّفقلت كيف ألقى الله ربي آثما *** يوم حشـر الناس إذ غلت يديَّبـئــسـت اللـذة إن كان بـــها *** غضب الجبار والسخــط عليَّفـمـعـاذ الله هــذي صيحـتـي *** قالــها يــوســف قـلها يا أخــيَّا
عن صفوان بن سليم أنه قال: "قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أيكون المؤمن جبانا فقال نعم فقيل له أيكون المؤمن بخيلا فقال نعم فقيل له أيكون المؤمن كذابا فقال لا". رواه الإمام مالك في الموطـّأ. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا". رواه البخاري ومسلم.
تحدثنا في الحديث السابق عن الكذب وقبحه، وحديثنا اليوم عن الحالات التي رخـّص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكذب فيها :1الكذب في الحرب من حديثه صلى الله عليه وسلم لنعيم بن مسعود (الحرب خدعة) ويقول النووي في شرح الحديث ( اتفق العلماء على جواز خداع الكفار في الحرب وكيف أمكن للخداع الا أن يكون فيه نقد عهد وأمان فلا يحل).2الإصلاح ذات البين، كأن يقول المصلح بين المتخاصمين : إنه يحبك وتكلم عنك خير الكلام البارحة وقال كذا وكذا.3الكذب على الزوجة في الخير، كأن يقول : أنت أجمل ما رأت عيناي من النساء وإن كانت أقبح النساء، أو ما أكلت طعاما أطيب من طعامك... إلخ.
روى أحمد والنسائي وابن ماجه عن معاوية بن جاهمة السلمي رضي الله عنه، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك، أبتغي وجه الله والدار الآخرة، قال: ((ويحك، أحية أمك؟)) قلت: نعم، قال: ((ارجع فبرها))، ثم أتيته من الجانب الآخر، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي وجه الله والدار الآخرة، قال: ((ويحك، أحية أمك؟)) قلت: نعم يا رسول الله، قال: ((فارجع إليها فبرها))، ثم أتيته من أمامه، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك، أبتغي بذلك وجه اللهَ والدار الآخرة، قال: ((ويحك، أحية أمك؟)) قلت: نعم يا رسول الله، قال: ((ويحك، الزم رجلَها فثمّ الجنة)). إنها الجنة وربّ الكعبة: ((الزم رجلها فثمّ الجنة)).عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أتي رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني جئت أريد الجهاد معك أبتغي وجه الله والدار الآخرة، ولقد أتيت وإن والدي ليبكيان، قال: ((فارجع إليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما)) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلـَرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة. رواه البخاري ومسلم.
الصوم ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو أيضًا امتناع عن معصية الله . قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه" رواه البخاري والترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد.أي من لم يترك قول الكذب والعمل به فلا فائدة من صيامه، فالصيام ينقّي القلب وعلى المسلم أن يلتزم بالأخلاق الطيبة والسلوك القويم في رمضان. ومن المهم أن نتذكر أنه على المسلم أن يتصف بالأخلاق الحميدة دائمًا وأن يستغل شهر رمضان لتدريب النفس على هذه الأخلاق.
عن عدي بن حاتم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله يوم القيامة، ليس بين الله وبينه ترجمان، ثم ينظر فلا يرى شيئاً قُدَّامَهُ، ثم ينظر بين يديه فتستقبله النار، فمن استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق تمرة). قال الأعمش: حدثني عمرو، عن خيثمة، عن عدي بن حاتم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار). ثم أعرض وأشاح، ثم قال: (اتقوا النار). ثم أعرض وأشاح ثلاثاً، حتى ظننا أنه ينظر إليها، ثم قال: (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة). رواه البخاري واللفظ له، ومسلم والنـَّسائي وأحمد.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال رجل: لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد، على زانية؟ لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته. فوضعها في يدي غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، فقال: اللهم لك الحمد، على سارق، وعلى زانية، وعلى غني، فأتي: فقيل له: أما صدقتك على سارق: فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية: فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني: فلعله يعتبر، فينفق مما أعطاه الله). رواه البخاري ومسلم والنسائي وأحمد.
عذرا على الإطالة البسيطة ولكن هذا الحديث فيه فوائد جَمَّة، عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ؛ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ. فَأَصْبَحْتُ يَوْماً قَرِيباً مِنْهُ، وَنَحْنُ نَسِيرُ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَخْبِرْنِي بَعَمَلٍ يُدْخُلِنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. قَالَ: ((لَقَدْ سَأَلْتَ عَظِيماً. وَإِنَّه لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً. وَتُقِيمُ الصلاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ)) ثُمَّ قَالَ ((أَلاَ أَدلُّكَ عَلَى أَبْوابِ الْخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ. وَالصَّدَقَةَ تُطْفِيءُ الْخَطِيئَةَ، كمَا يُطْفِيءُ النارَ الْمَاءُ. وَصلاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ)). ثَمَّ قَرَأَ - تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ - حَتَّى بَلَغَ - جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ - ثُمَّ قَالَ ((أَلاَ أُخْبِرُكَ بَرَأْسِ الأَمْرِ وَعَمُوِدِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ؟)) قلت بلى يا رسول الله، قال رأسُ الأمرِ الإسلام وعمودُه الصلاة وذروةُ سنامِهِ الجِهَاد. ثُمَّ قَالَ ((أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمِلاَكِ ذلِكَ كُلِّهِ؟)) قُلْتُ: بَلَى يا نبيَّ الله. فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ فَقَالَ ((تَكُفُّ عَلَيْكَ هذَا)) قُلْتُ: يَانَبِيَّ اللهِ! وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ قَالَ ((ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَامُعَاذُ! وهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وَجَوهِهِمْ أو على مناخرِهم، إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟)). رواه الترمذي واللفظ له، وابن ماجة وأحمد وصحَّحَهُ الأَلبَاني.
، عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أصبح منكم اليوم صائما؟ " قال أبو بكر: أنا. قال "فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ " قال أبو بكر: أنا. قال "فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ " قال أبو بكر: أنا. قال "فمن عاد منكم اليوم مريضا؟" قال أبو بكر: أنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة". رواه مسلم.
صلة الرَّحِم من أهم آداب العيد، حتى وإن كان قرابتك يسيئون إليك، ففي الحديث أن رجلاً قال : يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني ، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ ، وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ ، فقال : " لئن كنتَ كما قلتَ فكأنما تُسِفُّهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك" رواه مسلم .والمَل : الرماد الحار ، وتُسِفُّهُم: تطعمهم، والظهير: المعين والدافع لأذاهم ، ومعناه: كأنما تطعمهم الرماد الحار،ومعنى الحديث : إنك بالإحسان إليهم تخزيهم وتحقِّرهم في أنفسهم لكثرة إحسانك وقبيح فعلهم ، من الخزي والحقارة عند أنفسهم ، كمن يسف المل ، وقيل: ذلك الذي يأكلونه من إحسانك كالمل يحرق أحشاءهم . والله اعلم. (شرح النووي لصحيح مسلم 16 / 115) .
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من مَشَى في حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ خَيْراً لَهُ مِنْ اعْتِكَافِهِ عَشْر سِنِين وَمنْ اعتَكَفَ يَوْماً ابْتِغَاءَ وَجْهِ الله جَعَلَ الله بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ ثَلاثَ خَنَادِق كُلُّ خِنْدَقٍ أَبْعَدَ مما بَيْنَ الخَافِقَيْن"رواه الطبراني في الأوسط وإسناده جيِّد.ولقد أدرك ابن عباس فضل قضاء الحوائج فترك اعتكافه في المسجد ليمشي في حاجة أخ له، ويذكر ابن رجب عن بعض السلف فيقول: كان أبو وائل يطوف على نساء الحي وعجائزهن كل يوم فيشتري لهن حوائجهن وما يصلحهن . وقال مجاهد : صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني . وكان كثير من الصالحين يشترط على أصحابه أن يخدمهم في السفر.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والجلوس في الطرقات فقالوا: يا رسول الله مالنا من مجالسنا بدٌ؛ نتحدث فيها ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله ؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. متفقٌ عليه.