الشخصيه الاسلاميه التي اتحدث عنها اليوم
وسيدة نساء العالمين في زمانها أم القاسم ابنة خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب ، القرشية الأسدية . أم أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأول من آمن به وصدقه قبل كل أحد وثبتت جأشه ، ومضت به إلى ابن عمها ورقة . [ ص: 110 ]
هي السيده خديجه بنت خويلد
ومناقبها جمة . وهي ممن كمل من النساء . كانت عاقلة جليلة دينة مصونة كريمة ، من أهل الجنة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها ، ويفضلها على سائر أمهات المؤمنين ، ويبالغ في تعظيمها ، بحيث إن عائشة كانت تقول : ما غرت من امرأة ما غرت من خديجة ، من كثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها .
ومن كرامتها عليه صلى الله عليه وسلم أنه لم يتزوج امرأة قبلها ، وجاءه منها عدة أولاد ، ولم يتزوج عليها قط ، ولا تسرى إلى أن قضت نحبها ، فوجد لفقدها ، فإنها كانت نعم القرين . وكانت تنفق عليه من مالها ، ويتجر هو صلى الله عليه وسلم لها .
وقد أمره الله أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب .
الواقدي : حدثنا ابن أبي حبيبة ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس وابن أبي الزناد ، عن هشام ، وروى عن جبير بن مطعم : أن عم خديجة ، عمرو بن أسد ، زوجها بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأن أباها مات قبل [ ص: 111 ] الفجار . ثم قال الواقدي : هذا المجتمع عليه عند أصحابنا ، ليس بينهم اختلاف .
الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها بنت ثمان وعشرين سنة .
قال الزبير بن بكار : كانت خديجة تدعى في الجاهلية الطاهرة . وأمها هي فاطمة بنت زائدة العامرية .
كانت خديجة - أولا - تحت أبي هالة بن زرارة التميمي ، ثم خلف عليها بعده عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، ثم بعده النبي صلى الله عليه وسلم ، فبنى بها وله خمس وعشرون سنة . وكانت أسن منه بخمس عشرة سنة .
عن عائشة : أن خديجة توفيت قبل أن تفرض الصلاة وقيل : توفيت [ ص: 112 ] في رمضان ودفنت بالحجون عن خمس وستين سنة .
وقال مروان بن معاوية ، عن وائل بن داود ، عن عبد الله البهي ، قال : قالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من ثناء عليها واستغفار لها ، فذكرها يوما ، فحملتني الغيرة ، فقلت : لقد عوضك الله من كبيرة السن . قالت : فرأيته غضب غضبا . أسقطت في خلدي وقلت في نفسي : اللهم إن أذهبت غضب رسولك عني لم أعد أذكرها بسوء ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما لقيت ، قال : كيف قلت ؟ والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس ، وآوتني إذ رفضني الناس ، ورزقت منها الولد وحرمتموه مني قالت : فغدا وراح علي بها شهرا .
قال الواقدي : خرجوا من شعب بني هاشم قبل الهجرة بثلاث سنين ، فتوفي أبو طالب ، وقبله خديجة بشهر وخمسة أيام .
وقال الحاكم : ماتت بعد أبي طالب بثلاثة أيام .
هشام بن عروة عن أبيه ، عن عائشة : ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة ، مما كنت أسمع من ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لها ، وما تزوجني إلا بعد موتها بثلاث سنين . ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب . [ ص: 113 ]
أبو يعلى في " مسنده " سماعنا : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل : حدثنا سهل بن زياد - ثقة - : حدثني الأزرق بن قيس ، عن عبد الله بن نوفل - أو ابن بريدة - عن خديجة بنت خويلد ، قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أين أطفالي منك ؟ قال : في الجنة . قالت : فأين أطفالي من أزواجي من المشركين ؟ قال : في النار ، فقلت : بغير عمل ؟ قال : الله أعلم بما كانوا عاملين فيه انقطاع .
محمد بن فضيل ، عن عمارة ، عن أبي زرعة ، سمع أبا هريرة ، يقول : أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هذه خديجة أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب . متفق على صحته .
عبد الله بن جعفر : سمعت عليا : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : خير نسائها خديجة بنت خويلد ، وخير نسائها مريم بنت عمران .
أحمد : حدثنا محمد بن بشر : حدثنا محمد بن عمرو : حدثنا أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن ، قالا : لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم ، امرأة عثمان بن مظعون ، فقالت : يا رسول الله ، ألا تزوج ؟ قال : [ ص: 114 ] ومن ؟ قالت : سودة بنت زمعة ، قد آمنت بك واتبعتك . . . الحديث بطوله وهو مرسل .
قال ابن إسحاق : تتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب بهلاك أبي طالب وخديجة . وكانت خديجة وزيرة صدق . وهي أقرب إلى قصي من النبي صلى الله عليه وسلم برجل . وكانت متمولة ، فعرضت على النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج في مالها إلى الشام ، فخرج مع مولاها ميسرة . فلما قدم باعت خديجة ما جاء به ، فأضعف ، فرغبت فيه ، فعرضت نفسها عليه ، فتزوجها ، وأصدقها عشرين بكرة .
فأولادها منه : القاسم ، والطيب ، والطاهر ، ماتوا رضعا ؛ ورقية ، وزينب ، وأم كلثوم ، وفاطمة .
قالت عائشة : أول ما بدئ به النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة . . . إلى أن قالت : فقال : اقرأ باسم ربك الذي خلق قالت : فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة ، فقال : زملوني . ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال : ما لي يا خديجة ؟ . وأخبرها الخبر ، وقال : قد خشيت على نفسي ، فقالت له : كلا ، أبشر ، فوالله لا يخزيك الله [ ص: 115 ] أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتعين على نوائب الحق . وانطلقت به إلى ابن عمهاورقة بن نوفل بن أسد ، وكان امرأ تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الخط العربي ، وكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا قد عمي ، فقالت : اسمع من ابن أخيك ما يقول ، فقال : يا ابن أخي ، ما ترى ؟ فأخبره ، فقال : هذا الناموس الذي أنزل على موسى الحديث .
قال الشيخ عز الدين بن الأثير : خديجة أول خلق الله أسلم ، بإجماع المسلمين .
وقال الزهري ، وقتادة ، وموسى بن عقبة ، وابن إسحاق ، والواقدي ، وسعيد بن يحيى : أول من آمن بالله ورسوله خديجة ، وأبو بكر ، وعلي رضي الله عنهم . [ ص: 116 ]
قال ابن إسحاق : حدثني إسماعيل بن أبي حكيم ، أنه بلغه عن خديجة أنها قالت : يا ابن عم ، أتستطيع أن تخبرني بصاحبك إذا جاءك ؟ فلما جاءه ، قال : يا خديجة ، هذا جبريل ، فقالت : اقعد على فخذي ، ففعل ، فقالت : هل تراه ؟ قال : نعم . قالت : فتحول إلى الفخذ اليسرى ، ففعل . قالت : هل تراه ؟ قال : نعم ، فألقت خمارها ، وحسرت عن صدرها ، فقالت : هل تراه ؟ قال : لا . قالت : أبشر ، فإنه والله ملك ، وليس بشيطان .
قال ابن عبد البر : روي من وجوه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا خديجة ، جبريل يقرئك السلام وفي بعضها : يا محمد ، اقرأ على خديجة من ربها السلام .
عن حذيفة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خديجة سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم في إسناده لين .
حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، قال : وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على خديجة حتى خشي عليه ، حتى تزوج عائشة .
معمر ، عن قتادة . وأبو جعفر الرازي ، عن ثابت ، واللفظ لقتادة ، عن [ ص: 117 ] أنس مرفوعا : حسبك من نساء العالمين أربع .
وقال ثابت ، عن أنس : خير نساء العالمين مريم ، وآسية ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة
الدراوردي ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم فاطمة ، وخديجة ، وامرأة فرعون آسية .
مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة ، قالت : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة ، فتناولتها ، فقلت : عجوز ! كذا وكذا ، قد أبدلك الله بها خيرا منها . قال : ما أبدلني الله خيرا منها ، لقد آمنت بي حين كفر الناس ، وأشركتني في مالها حين حرمني الناس ، ورزقني الله ولدها ، وحرمني ولد غيرها . قلت : والله لا أعاتبك فيها بعد اليوم .
وروى عروة ، عن عائشة ، قالت : توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة .
قال الواقدي : توفيت في رمضان ، ودفنت بالحجون .
وقال قتادة : ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين وكذا قال عروة .هد التاريخ الإنساني رجلاً أشد وفاءً لزوجته من رسول الله :
أقول مرَّاتٍ كثيرة : الرجل حينما ينظر إلى المرأة نظرةً تنخفض عن مكانته هو ، هذا رجل جاهلي ، يمكن أن تسبق المرأة آلاف الرجال .
(( كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع ـ من هؤلاء الأربع ـ السيدة خديجة بنت خويلد))
[أخرجه الطبري في تفسيره عن أبي موسى الأشعري]
ماذا قال عنها النبي صلى الله عليه وسلَّم ؟ قال :
((آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلادَ النِّسَاءِ))
[أحمد عن السيدة عائشة ]
لذلك السيدة عائشة كانت كلَّما سمعت مديحاً من رسول الله صلى الله عليه وسلَّم عن السيدة خديجة تغار ، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :
(( اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاعَ لِذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُمَّ هَالَةَ قَالَتْ فَغِرْتُ فَقُلْتُ مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْراً مِنْهَا ))
[متفق عليه عن السيدة عائشة ]
(( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ أَثْنَى عَلَيْهَا فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ قَالَتْ فَغِرْتُ يَوْماً فَقُلْتُ مَا أَكْثَرَ مَا تَذْكُرُهَا حَمْرَاءَ الشِّدْقِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا خَيْراً مِنْهَا قَالَ مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْراً مِنْهَا قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاء ))
[أحمد عن السيدة عائشة ]
كان يكرم صواحب خديجة بعد موتها ، لم يشهد التاريخ الإنساني رجلاً أشد وفاءً لزوجته من رسول الله :
(( قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاء ))
[أحمد عن السيدة عائشة ]
لم يرزقه الله تعالى ولداً ذكراً إلا من السيدة خديجة ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :
(( مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ وَمَا رَأَيْتُهَا وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ فَيَقُولُ إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ ))
[متفق عليه عن السيدة عائشة ]
السيدة خديجة رضي الله عنها أول من آمن بالله ورسوله :
الآن إذا تزوج الإنسان امرأة ، ماتت زوجته الأولى فتزوج ثانية ، يتقرَّب إلى الثانية بذم الأولى :
(( وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ فَيَقُولُ إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ ))
[متفق عليه عن السيدة عائشة ]
لابد من الوفاء للزوجة التي شاركت زوجها شظف العيش
لا يوجد أروع من الوفاء أيها الأخوة ، كأن النبي عليه الصلاة والسلام أراده الله أن يكون الزوج الوفي ، آلاف الرجال يتزوَّجون زوجات وهم فقراء ، فإذا اغتنوا تنكَّروا لهذه المرأة التي عاشت معه على الحصير ، تنكَّروا لهذه المرأة التي عاشت معه على الكفاف ، هذه المرأة التي كانت معك ، التي ذاقت قسوة الحياة معك ، يجب أن تذوق حلاوة الحياة معك .
سيدنا عبد الله بن عباس ماذا قال عن السيدة خديجة ؟ قال : " كانت خديجة أول من آمنت بالله ورسوله ... " ، أول امرأةٍ على الإطلاق ، أو الأصح من ذلك ؛ أول إنسانٍ آمن برسول الله السيدة خديجة ، الأسبقية لها قيمة كبيرة جداً ، " كانت خديجة أول من آمنت بالله ورسوله ، وأول من صدَّق محمد صلى الله عليه وسلَّم فيما جاء به عن ربه ، وآزره على أمره " .
صدقوا أيها الأخوة أن المرأة الصالحة يمكن أن تدفع زوجها إلى مراتب العظمة ، أساساً يقولون : ما من عظيمٍ إلا ووراءه امرأة ؛ تواسيه ، تخفِّف عنه ، تُسهم معه في مشكلاته ، تقف وراءه ، تدفعه إلى البطولة ، تخفف عنه أعباء الحياة ، المرأة الصالحة لا تقدَّر بثمن :
(( إِنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ))
وانا احاول جاهد ان اتحلى بصفاتها قدر الامكان
السوال الثالث
من خلال الدرس السابق عن السيده العظيمه خديجه ام المؤمنين فاني من اشد الناس تاثرا واعجابا واجد بعض الصفات المشتركه وهي قليله ولا اقارن بها كالصبر على مصاعب الحياه ومؤازرتي لزوجي وان اكون نعم الزوجه الصاله الوفيه
احاديث عن المراه
قال صلى الله عليه وسلم
(الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة))[13]، وعند ابن ماجه بلفظ: ((إنَّما الدنيا متاع، وليس من متاع الدنيا شيء أفضل من المرأة الصالحة))[14]، والمرأة أيضًا من خير ما يُعين الرجل على أمر دينه، بل يُكمِّل بها الرجل شطر دينه؛ كما
قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من رزقه الله امرأةً صالحة، فقد أعانه على شطر دينه، فليتَّقِ الله في الشطر الثاني))[15]، وقِصَّة خديجة - رضي الله عنها - وتثبيتها للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ووقوفها معه معروفة مشهورة، وغيرها من نسائه - عليه الصلاة والسلام
ما جاء في سِياق الثناء على المرأة ما يلي:
- أخبر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ المرأة الصالحة خيرُ متاع الدنيا، وممَّا حُبِّب إليه من الدنيا؛ فقال: ((الدنيا متاعٌ، وخير متاعِ الدنيا المرأةُ الصالحة))[132]، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((حُبِّب إليَّ من الدنيا النِّساء والطِّيب، وجُعِل قرَّة عيني في الصلاة))[133] قال السندي: "قوله: ((حُبِّب إليَّ من الدنيا النِّساء)) قيل: إنما حبِّب إليه النساء؛ لينقلنَ عنه ما لا يطَّلع عليه الرِّجال من أحواله، ويُستحيا من ذِكْره، وقيل: حبِّب إليه زيادةً في الابتلاء في حقِّه؛ حتى لا يلهو بما حبِّب إليه من النساء عمَّا كُلِّف به من أداء الرسالة، فيكون ذلك أكثرَ لمشاقِّه، وأعظم لأجره، وقيل: غير ذلك"[134].
- وأمَرَ بالتزوُّج من المؤمنة؛ فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ليتَّخِذْ أحدُكم قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وزوجةً مؤمنة، تُعينه على آخرته))[135]، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما أفادَ عبدٌ بعدَ الإسلام خيرًا له من زوج مؤمنة؛ إذا نظر إليها سرَّتْه، وإذا غاب عنها حفظتْه في نفسها وماله))[136]، فقوله: ((سرَّتْه))؛ أي: لحسنها ظاهرًا، أو لحُسن أخلاقها باطنًا، أو لدوام اشتغالها بطاعة الله – تعالى - والتقوى"[137]، وعند البيهقي: أيُّ النِّساء خير؟ قال: ((التي تسرُّه إذا نظر إليها، وتُطيعه إذا أمرَها، ولا تُخالِفُه في نفسها ولا مالها))[138]، وعند ابن ماجه: ((نصحتْه في نفسِها وماله))[139]، وعند أحمد: ((ولا تُخالِفه فيما يكره في نفسِها وماله))[140].
- وجَعَل طاعةَ المرأة لزوجها سببًا لدخول الجنة؛ فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا صَلَّت المرأة خمسَها، وصامَتْ شهرَها، وحفظتْ فرجها، وأطاعتْ زوجها، قيل لها: ادخلي الجنَّة من أيِّ أبواب الجنة شئتِ))[141] وفي هذا غاية التكريم للمرأة.
5 - أحاديث صحيحة في سياق الوصية بالمرأة ومراعاة حقوقها:
جاءتِ السنة لتؤكِّد ما أمر الله به مِن معاشرة النِّساء بالمعروف في قوله - جلَّ وعلا -: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، والمعروف: كلمةٌ جامعة لكلِّ فعْل وقول وخُلُق نبيل، يقول الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: "أي: طَيِّبوا أقوالَكم لهن، وحَسِّنوا أفعالكم وهيئاتِكم بحسب قُدرتِكم، كما تحبُّ ذلك منها، فافعل أنت بها مثلَه؛ كما قال - تعالى - : {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228]، فجاءت السُّنَّة لتقرَّرَ هذا الأصل، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((خَيرُكم خيرُكم لأهله، وأنا خيرُكم لأهلي))[142]، وكان مِن أخلاقه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه جميل العِشرة، دائمُ البِشر، يداعب أهلَه، ويتلطَّف بهم، ويوسع عليهم نفقتَه، ويُضاحك نِساءَه، والحديث عن هَدْيه - عليه الصلاة والسلام - مع النِّساء ووصيته بهنَّ حديثٌ طويل متشعب.
ولعلَّ من المناسب هنا أن نذكر ما ورد عن هَدْيه الشريف مع نسائه باختصار، فكيف عاش - عليه الصلاة والسلام - زوجًا؟ وكيف تعامل مع نسائِه؟ وكيف راعَى نفسياتهنَّ؟ وسأذكر بعضَ الأحاديث، دون شرح تفصيلي، مشيرًا إلى بعض ما تدلُّ عليه تلك الأحاديث الشريفة؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا، وخيارُكم خِيارُكم لنسائهم))[143]، وفي لفظ: ((وألطفُهم بأهلِه))[144]، وخوَّف ورهَّب مَن تزوَّج بأكثر من واحدة، ثم لم يعدل بينهنَّ، فقال- صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن كان له امرأتانِ يَميلُ لإحداهما على الأخرى، جاء يوم القيامة أَحدُ شِقَّيه مائل))[145].
قال السندي: "قوله: ((من كان له امرأتان)) الظاهر أنَّ الحُكم غيرُ مقصور على امرأتين؛ بل هو اقتصارٌ على الأدنى، فمَن له ثلاث أو أربع كان كذلك، وقوله: ((يميل))؛ أي: فِعلاً لا قلبًا، والميل فعلاً هو المنهي عنه، بقوله - تعالى -: {فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ} [النساء: 129]؛ أي: بِضمِّ الميل فِعلاً إلى الميل قلبًا، وقوله: ((أحد شقيه)) بالكَسر؛ أي: يجيء يومَ القيامة غير مستوي الطرفين، بل يكون أحدُهما كالرَّاجح وزنًا، كما كان في الدنيا غير مستوي الطرفين بالنَّظر إلى المرأتين؛ بل كان يُرجِّح إحداهما، والله - تعالى - أعلم"[146].
بل إنَّه - عليه الصلاة والسلام - بيَّن لأمَّته أنَّ اللهو واللعب مع الزوجة ممَّا يُثاب عليه الرجل؛ بل لا يُعدُّ من اللهو أصلاً؛ فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كلُّ شيء ليس من ذِكْر الله فهو لغو ولهو، إلاَّ أربعة خصال: مشيٌ بين الغرضَين، وتأديبه فرسَه، وملاعبته أهلَه، وتعليم السباحة))[147].
وكان يُراعي حالَهنَّ، والسِّنَّ التي كان عليها بعضهن، فعن عائشةَ - رضي الله عنها - قالت: "كنتُ ألعب بالبنات، فربَّما دخل علي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وصواحباتي عندي، فإذا رأينَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فررنَ، فيقول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كما أنتِ وكما أنتُنَّ))[148].
وعن معاوية بن حيدة - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، ما حقُّ زوجة أحدنا عليه؟ قال: ((أن تُطعِمها إذا طَعِمت، وتكسوَها إذا اكتسيت، ولا تضرِب الوجه، ولا تُقبِّح، ولا تَهجُر إلاَّ في البيت))[149]؛ حديث حسن رواه أبو داود.
- وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تَضرِبوا إماءَ الله))، فجاء عمر - رضي الله عنه - إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: "ذَئِرْنَ النِّساءُ على أزواجهن"، فرخَّص في ضربهن، فأطاف بآل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - نساءٌ كثير يشكون أزواجهن، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لقد أطاف بآل محمَّد نساءٌ كثير يشكون أزواجهن، ليس أولئك بخياركم))[150]؛ رواه أبو داود بإسناد صحيح.
وقوله: "ذئرن" هو بذال معجمة مفتوحة، ثم همزة مكسورة، ثم راء ساكنة، ثم نون؛ أي: اجترأن، وقوله: ((أطاف))؛ أي: أحاط، "وفيه مِن الفِقه أنَّ ضرب النِّساء في منع حقوق النِّكاح مباحٌ إلاَّ أنَّه يضرب ضربًا غير مبرِّح"[151].
وجاء في رعاية النساء: أنَّ آخِرَ وصايا الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - قبل وفاته كانت: ((واستوصوا بالنِّساء خيرًا))[152]، وقال: - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اتقوا الله في نسائِكم، فإنَّما هنَّ عوانٍ عندكم))[153].
قوله: ((عوان)): جمع عانية بالعَين المهملة؛ أي: أسيرات، وهي: الأسيرة، والعاني: الأسير، وشبَّه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - المرأةَ في دخولها تحتَ حُكم الزَّوج بالأسير، وقوله: ((فلا تبغوا عليهن سبيلاً))؛ أي: لا تطلبوا طريقًا تحتجُّون به عليهنَّ وتؤذونهن به، والله أعلم.
واعتنى - عليه الصلاة والسلام - بالنِّساء في العبادة؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا دَخَل العشر أحيا اللَّيل، وأيقظ أهله، وجدَّ وشدَّ المئزر"[154]؛ متفق علَيه، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ائذنوا للنِّساء باللَّيْل إلى المساجد))[155]؛ متفق عليه.
وحثَّ على الصبر على النساء: فقد أوصى بالبنات وتربيتهنَّ تربية صالحة، وبشَّر بمضاعفة الثواب في تربيتهنَّ؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: جاءتني امرأةٌ معها ابنتان تسألني، فلم تجد عندي غيرَ تمرةٍ واحدة، فأعطيتُها فقسمتْها بين ابنتيها، ثم قامت فخرجتْ، فدخل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فحدثته، فقال: ((مَن بُلِي من هذه البنات شيئًا فأحسن إليهنَّ، كنَّ له سترًا من النار))[156]، قال ابن حجر: "وقال النووي - تبعًا لابن بطال -: إنَّما سماه ابتلاءً؛ لأنَّ الناس يكرهون البنات، فجاء الشَّرع بزجرهم عن ذلك، ورغَّب في إبقائهن، وترك قتلهنَّ بما ذكر من الثواب الموعود به مَن أحسن إليهن، وجاهد نفسه في الصبر عليهن"[157].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن كانت له ثلاثُ بنات، أو أخوات، فَكفَّهنَّ وأواهنَّ ورحمهنَّ، دخل الجنة)) قالوا: أو اثنتان؟ قال: ((أو اثنتان))، قال: "حتى ظننَّا أنَّهم لو قالوا: أو واحدة؟ قال: أو واحدة"[158]، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن عال جاريتَين حتى تبلغَا، جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين))، وضمَّ بين أصابعه - صلوات الله وسلامه عليه"[159
قوله: ((يَفْرَك)) هو بفتح الياء، وإسكان الفاء، وفتح الراء معناه: يبغض، يقال: فركتِ المرأة زوجَها، وفَرِكها زوجُها بكسر الراء يفرِكها؛ أي: أبغضها، والله أعلم.
ويأتي جاهمة إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُريد الجهاد في سبيل الله من اليمن، قد قطع الوِهَاد والوِجَاد حتى وصل إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقال: أردتُ يا رسول الله، أن أغزوَ، وجئتُ لأستشيرك، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((هل لك مِن أُمٍّ؟)) قال: نعم، قال: ((الْزَمْها؛ فإنَّ الجنة عند رجليها))[162]، فهكذا نجد القيمة الكبيرة للمرأة عند النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - واهتمامه بها، ونجد أيضًا أنَّ هناك سورةً في القرآن اسمها سورة النِّساء، وتتكلَّم عن العدل والرحمة مع المستضعفين، وخاصَّة النِّساء، فخصَّهنَّ بأحكام خاصَّة.